في خطوة مهمة، أعلنت اليونيسكو أنّ العراق سيستعيد غدا الخميس لوحاً مسمارياً أثرياً عمره 3500 عام يحتوي على جزء من ملحمة جلجامش بعدما تبيّن للسلطات الأميركية أنّه سرق من متحف عراقي في 1991 ثمّ هُرّب بعد سنوات عدة إلى الولايات المتّحدة.
وكان علماء الآثار وضعوا في مطلع خمسينيات القرن التاسع عشر، يدهم على كنز تاريخي هام تمثل في مكتبة آشوربانيبال الملكية.
وقد تضمنت هذه المكتبة آلاف الألواح الطينية وبقايا نصوص كتب جلها بالأكدية وقد سميت تلك المكتبة التي عثر عليها بنينوى بالعراق نسبة للملك الآشوري آشوربانيبال المصنف كآخر ملوك آشور العظماء.
أما الفضل في اكتشافها، فيعود للمغامر وعالم الآثار الإنجليزي السير أوستن هنري لايارد (Austen Henry Layard) ومساعده عالم الآشوريات الموصلي هرمز رسام (Hormuzd Rassam).
وأواخر العقد التالي، لم يتردد المتحف البريطاني في الاستعانة بخدمات عالم الآشوريات جورج سميث (George Smith) الذي درس عدداً من هذه الألواح الطينية، التي عثر عليها بمكتبة آشوربانيبال الملكية، وترجمها بداية من العام 1872 قبل أن ينشر ترجمة أكثر دقة لها بكتابه ما بين عامي 1875 و1876.
تاريخ ملحمة جلجامش
في موازاة ذلك، وبفضل هذه الترجمة، اكتشف العالم شخصية جلجامش الملك التاريخي لأوروك السومرية المصنّف كأحد أهم أبطال الميثولوجيا ببلاد الرافدين بفضل تقمصه لدور الشخصية الرئيسية بملحمة جلجامش.
وتعد ملحمة جلجامش قصيدة ملحمية من آداب بلاد الرافدين وتصنف خلال الفترة الحالية كأقدم الأعمال الأدبية العظيمة وثاني أهم النصوص الدينية المتبقية من تلك الفترة بعد نصوص الأهرام الدينية.
في حين، يعود تاريخ أقدم نسخة متبقية منها للقرن الثامن عشر قبل الميلاد. إلا أن المؤلف والكاتب سين-لقي-ونيني أعاد تجميع نسخة أخرى، محفوظة بشكل أفضل، أكثر دقة باللغة الأكادية ما بين القرنين الثالث عشر والعاشر قبل الميلاد.
جلجامش وسر الخلود
وتدور أطوار الجزء الأول من الملحمة الشهيرة بين كل من الملك التاريخي لأوروك جلجامش وصديقه إنكيدو.
فبعد أن طغى وتمادى في التنكيل بأهل أوروك، لبّت الآلهة نداء استغاثة الأهالي وأرسلت لجلجامش رجلا قوي البنية، خلقته من طين، كثيف الشعر يعيش بالبرية مع الحيوانات عمد لإرهاب الصيادين بالغابات. وأمام هذا الوضع، اشتكى الصيادون لجلجامش وطلبوا منه تخليصهم من هذا الإنسان البري.
وأملاً في وضع حد لهذه المعضلة، أرسل جلجامش خادمة لإغراء إنكيدو الذي ما لبث أن أعجب بهذه المرأة وعاد معها لأوروك أين تعلم قوانين الحضارة وتخلص من حياته البرية.
وعقب معركة جمعته بإنكيدو، أعجب جلجامش بقوة هذا الرجل الذي أرسلته الآلهة فرفع منزلته وجعله صديقه المفضل والمقرب.
فخلال إحدى المغامرات، أقدم جلجامش وإنكيدو على قتل حارس الغابة خومبابا متسببين في غضب الآلهة. وفي الأثناء، أعجبت آلهة الجمال عشتار بقوة جلجامش وقررت الزواج منه.
ومع رفض جلجامش ذلك، أحست عشتار بالإهانة فطلبت من والدها الثأر لها عن طريق إرسال الثور المقدس الذي سرعان ما قتل بدوره على يد كل من جلجامش وإنكيدو.
وعقب قتل الثور "المقدس"، قررت "الآلهة" الانتقام من جلجامش، الذي كان حمل في جسمه دم الآلهة، بشكل آخر. فعمدت لقتل صديقه إنكيدو، الإنسان العادي، الذي مرض ومات.
ومع وفاة إنكيدو، انتكس جلجامش لأيام وقرر فيما بعد البحث عن سر الخلود فتخلى عن ثيابه الفاخرة وارتدى أسمالا بالية وجلودا وانطلق للبحث عن رجل خالد لقب بالناجي الوحيد وعرف باسم أوتنابشتم قيل إنه نجا سابقا من طوفان هائل أجهز على البشرية.
إلى ذلك، وعقب اجتيازه للعديد من المصاعب، التقى جلجامش بأوتنابشتم الذي طلب منه البقاء مستيقظا لسبع ليالي لبلوغ الخلود.
وفشل جلجامش في هذا الاختبار وانهار. وعند مشاهدتها لحالة ملك أوروك المزرية، أشفقت زوجة أوتنابشتم عليه وأخبرته عن نبتة في عمق البحر قادرة على جعل العجوز شابا.
فعقب اجتيازه لمزيد من المصاعب وغوصه نحو القاع، عثر جلجامش على هذه النبتة الفريدة من نوعها وقرر تجربتها على شيخ من اوروك قبل استخدامها على نفسه. وفي طريق العودة لأوروك، أضاع جلجامش هذه النبتة لصالح ثعبان سرقها منه.
هكذا، عاد جلجامش لأوروك وهو يجر أذيال الخيبة. ومع وصوله للمدينة، لاحظ جلجامش السور العظيم الذي شيده حولها ففكر في قرارة نفسه واقتنع بفكرة أن مثل هذه الأعمال الهائلة كافية لتخليد اسمه لأبد الدهر. وفي النهاية، توفي جلجامش وبكت أوروك بحرقة على رحيله.
source https://www.alarabiya.net/last-page/2021/09/21/%D9%85%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A9-%D8%AC%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B6%D8%B9-%D9%8A%D8%AF%D9%87%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85-%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A3%D8%AF%D8%A8%D9%8A-
تعليقات
إرسال تعليق